إخوتى الكرام: تقدم معنا مرارا أن الأحاديث إذا تعارضت من حيث الظاهر لأئمتنا نحو هذا التعارض أربعة مراحل الأول ثم الثانى ثم الثالث ثم الرابع أولها الجمع وإذا أمكن لا يعدل عنه إلى غيره وثانيها النسخ ونقدمه على ما بعده لأننا بالنسخ نترك كلام بعض النبى عليه الصلاة والسلام لبعض كلامه لبينة تدل على ذلك فما أدخلنا عقولنا فى النسخ والطرق الثالث الترجيح وقلت الترجيح نؤخره عن النسخ لأنه فيه إعمال الجهد البشرى وقد نخطأ فى الترجيح وتقدم معنا أن المرجحات ذكرها الإمام الحازمى فى أول الاعتبار فى الناسخ والمنسوخ من الآثار فبلغت خمسين مرجحا وهذا ذكرته فى آخر الموعظة أيضا فى موعظة الثلاثة ضمن مباحث النبوة والإمام العراقى فى لوكته على ابن الصلاح كما تقدم معنا إخوتى الكرام فى صفحة ست وثمانين ومائتين فى التقييد والإيضاح قال إن المرجحات تزيد على مائة وأحصاها فبلغت عشر مرجحات ومائة مرجح المرحجات بلغت هذا ثم قال وثم وجوه أخر للترجيح بعد هذه المرجحات يوجد أيضا وجوه أخر للترجيح والإمام السيوطى فى تدريب الراوى صفحة ثمان وثمانين وثلاثمائة يقول استوفاها الإمام العراقى فى لوكته على ابن الصلاح كما ذكرت لكم فإذا ما أمكن الترجيح وهو الطريق الثالث نتوقف ونعتبر كأن هذه النصوص لم ترد فى هذه القضية ونلجأ إلى الأدلة الشرعية العامة الأخرى فى هذه المسألة وهذه كما قال أئمتنا صورة فرضية نظرية وضعت لبيان ما ينبغى أن نفعله نحو النصوص لكن لا يوجد فى الحقيقة نصان لا يمكن أن نجمع بينهما ولا أن ننسخ واحدا منهما بالآخر ولا أن نرجح بينهما لا يمكن من باب ما تحتمله القسمة العقلية نحو النصوص المتعارضة من حيث الظاهر فأولها الجمع قال الإمام العراقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى ألفيته:
والمتن إن نافه متن آخر ... وأمكن الجمع فلا تنافر
كمتن لا يورد مع لا عدوى ... فالنفى للطبع وفر عدوى
أو لا فإن نسخ بدا فاعمل به ... أو لا فرجح واعملن بالأشبه