وقد تقدم معنا عن إمام أهل السنة أنه كان يقول: خطأ وضلال بني آدم منحصر في أمرين اثنين: في تأويل خاطئ وقياس فاسد والتأويل الخاطئ في الأدلة السمعية والقياس الفاسد في الأدلة العقلية فإذا جاء وأول النص تلاعب به وإذا جاء وأتى بحجج عقلية ففرق بين المتماثلين وسوى بين المختلفين فقاس قياسا فاسدا ولذلك قال أئمتنا إن أهل الضلال يسفسطون في العقليات ـ والسفسطة هي المكابرة وجحد حقائق الأشياء ـ ويقرمطون في السمعيات ـ والقرمطة هي التلاعب بالمعاني ـ فإذا جاؤوا إلى مسلك السمع سلكوا مسلك القرامطة الباطنية، واخترعوا للنصوص معاني ما أرادها رب البرية وهو التأويل الخاطئ، وإذا جاؤوا للحجج العقلية أتوا بالأقيسة الفاسدة، وقد جمع اليهود بين الأمرين، وقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك المسلك المشين فقال: [لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل] .
ولذلك قال الإمام ابن القيم: الحيل المحرمة في شريعة الله هي ما تضمنت إسقاط ما شرعه الله وإبطال ما أوجبه الله وتحليل ما حرمه الله.
إخوتي الكرام:
إن الحيل قد انتشرت في الأمة لاسيما في هذا الزمان وسلكوا مسلك اليهود اللئام إن الربا حرمه ربنا علينا فكل ما يؤدي إلى ذلك الأمر المحرم ينبغي أن نمتنع عنه وكثير من الناس يحتالون عليه بصور من صور المبايعات لكنها لا تخرج هذا الأمر عن كونه ربا محرما في شريعة رب الأرض والسماء.
فبيع العينة بيع؛ لكن الإنسان فيه أراد أن يحتال على الربا فباع سلعة بثمن مؤجل نسيئة بأقساط ثم اشتراها من المشتري منه بثمن معجل أقل مما باعها به.
هذه هي صورة العينة، وهي صورة من صور الربا؛ لكنها عن طريق الاحتيال، وقد بين لنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الأمة إذا وقعت في الاحتيال فقد سقطت من عين ذي العزة والجلال.