{ولكن الله يزكي من يشاء} من يعلم منه أن يتزكى بالتزكية، ولهذا قال: {والله سميع عليم} . {ولا يأتل} أي: لا يحلف {أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا} .
كان من جملة الخائضين في الإفك «مِسْطح بن أثاثة» وهو قريب لأبي بكر الصديق رضي الله عنه. وكان مسطح فقيراً من المهاجرين في سبيل الله. فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه، لقوله الذي قال.
فنزلت هذه الآية، ينهاهم عن هذا الحلف المتضمن لقطع النفقة عنه، ويحثه على العفو والصفح، ويعده بمغفرة الله، إن غفره له فقال: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} إذا عاملتم عبيده، بالعفو والصفح، عاملكم بذلك، فقال أبو بكر ــــ لما سمع هذه الآية ــــ: بلى، واللهوفي هذه الآية دليل على النفقة على القريب، وأنه لا تترك النفقة والإحسان بمعصية الإنسان، والحث على العفو والصفح، ولو جرى منه ما جرى من أهل الجرائم.
ثم ذكر الوعيد الشديد على رمي المحصنات فقال: {إن الذين يرمون المحصنات} أي: العفائف عن الفجور {الغافلات} اللاتي لم يخطر ذلك بقلوبهن {المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة} واللعنة، لا تكون إلا على ذنب كبير.
وأكد اللعنة بأنها متواصلة عليهم في الدارين. {ولهم عذاب عظيم} وهذا زيادة على اللعنة، أبعدهم عن رحمته، وأحل بهم شدة نقمته.
وذلك العذاب يوم القيامة {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} فكل جارحة تشهد عليهم بما عملته، ينطقها الذي أنطق كل شيء، فلا يمكنه الإنكار. ولقد عدل في العباد، من جعل شهودهم من أنفسهم.
{يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} أي: جزاءهم على أعمالهم، الجزاء الحق، الذي بالعدل والقسط، يجدون جزاءها موفراً، لم يفقدوا منها شيئاً.