{ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً} ، ويعلمون في ذلك الموقف العظيم، أن الله هو الحق المبين فيعلمون انحصار الحق المبين في الله تعالى.
فأوصافه العظيمة حق، وأفعاله هي الحق، وعبادته هي الحق، ولقاؤه حق، ووعيده حق، وحكمه الديني والجزائي حق، ورسله حق، فلا ثَمَّ حق، إلا في الله، وما من الله.
{الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} أي: كل خبيث من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال، مناسب للخبيث، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له، وكل طيب من الرجال والنساء، والكلمات، والأفعال، مناسب للطيب، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له.
فهذه كلمة عامة وحصر، لا يخرج منه شيء، من أعظم مفرداته، أن الأنبياء خصوصاً أولي العزم منهم، خصوصاً سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو أفضل الطيبين من الخلق، على الإطلاق، لا يناسبهم إلا كل طيب من النساء.
فالقدح في عائشة رضي الله عنها بهذا الأمر قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المقصود بهذا الإفك، من قصد المنافقين. فمجرد كونها زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم، يعلم أنها لا تكون إلا طيبة طاهرة، من هذا الأمر القبيح.
فكيف وهي ما هي؟ صِدِّيقةُ النساء، وأفضلهن، وأعلمهن، وأطيبهن، حبيبة رسول رب العالمين، التي لم ينزل الوحي عليه، وهو في لحاف زوجة من زوجاته غيرها؟!!
ثم صرح بذلك، بحيث لا يبقى لمبطل مقالاً، ولا لشك وشبهة مجالاً فقال: {أولئك مبرؤون مما يقولون} والإشارة إلى عائشة رضي الله عنها أصلاً، وللمؤمنات المحصنات الغافلات، تبعاً لها. {لهم مغفرة} تستغرق الذنوب {ورزق كريم} في الجنة صادر من الرب الكريم.