{لولا إذ سمعتموه} أي: وهلا إذ سمعتم ــــ أيها المؤمنون ــــ كلام أهل الإفك. {قلتم} منكرين لذلك، معظمين لأمره: {ما يكون لنا أن نتكلم بهذا} أي: ما ينبغي لنا، وما يليق بنا الكلام، بهذا الإفك المبين، لأن المؤمن يمنعه إيمانه من ارتكاب القبائح {هذا بهتان} أي: كذب عظيم. {يعظكم الله أن تعودوا لمثله} أي: لنظيره، من رَمْيِ المؤمنين بالفجور، فالله يعظكم، وينصحكم عن ذلك، ونعم المواعظ والنصائح، من ربنا فيجب علينا مقابلتها، بالقبول والإذعان، والتسليم والشكر له، على ما بيَّن لنا {إن الله نعما يعظكم به} .
{إن كنتم مؤمنين} دل ذلك على أن الإيمان الصادق، يمنع صاحبه من الإقدام على المحرمات.
{ويبين الله لكم الآيات} المشتملة، على بيان الأحكام، والوعظ، والزجر، والترغيب، والترهيب، يوضحها لكم توضيحاً جلياً. {والله عليم} أي: كامل العلم {حكيم} عام الحكمة. فمن علمه وحكمته، أن علمكم من علمه، وإن كان ذلك، راجعاً لمصالحكم في كل وقت.
{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} أي: الأمور الشنيعة المستقبحة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة {في الذين آمنوا لهم عذاب أليم} أي: موجع للقلب والبدن، وذلك لغشه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله؟ وسواء كانت الفاحشة، صادرة، أو غير صادرة.
وكل هذا، من رحمة الله لعباده المؤمنين، وصيانة أعراضهم، كما صان دماءهم وأموالهم، وأمرهم بما يقتضي المصافاة، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له، ما يكره لنفسه. {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} فلذلك علمكم، وبيَّن لكم ما تجهلونه.