{وقالوا} بسبب ذلك الظن {سبحانك} أي: تنزيهاً لك من كل سوء، وعن أن تبتلي أصفياءك بالأمور الشنيعة.
{هذا إفك مبين} أي: كذب وبهت، من أعظم الأشياء، وأبينها. فهذا من الظن الواجب، حين سماع المؤمن عن أخيه المؤمن، مثل هذا الكلام، أن يبرئه بلسانه، ويكذب القائل لذلك.
{لولا جائوا عليه بأربعة شهداء} أي: هلا جاء الرامون على ما رموا به، بأربعة شهداء أي: عدول مرضيين.
{فإذ لم يؤتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} وإن كانوا في أنفسهم قد تيقنوا ذلك، فإنهم كاذبون في حكم الله، لأنه حرم عليهم التكلم بذلك، من دون أربعة شهود، ولهذا قال: {فأولئك عند الله هم الكاذبون} ، ولم يقل «فأولئك هم الكاذبون» . وهذا كله، من تعظيم حرمة عرض المسلم، بحيث لا يجوز الإقدام على رميه، من دون نصاب الشهادة بالصدق.
{ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة} بحيث شملكم إحسانه فيهما، في أمر دينكم ودنياكم. {لمسكم فيما أفضتم} أي: خضتم {فيه} من شأن الإفك {عذاب عظيم} لاستحقاقكم ذلك بما قلتم. ولكن من فضل الله عليكم ورحمته، أن شرع لكم التوبة، وجعل العقوبة مطهرة للذنوب.
{إذ تلقونه بألسنتكم} أي: تتلقفونه، ويلقيه بعضكم إلى بعض وتستوشون حديثه، وهو قول باطل.
{وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم} والأمران محظوران، التكلم بالباطل، والقول بلا علم. {وتحسبونه هيناً} فلذلك أقدم عليه، من أقدم، من المؤمنين، الذين تابوا منه، وتطهروا بعد ذلك. {وهو عند الله عظيم} وهذا فيه الزجر البليغ، عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها، فإن العبد لا يفيده حسبانه شيئاً، ولا يخفف من عقوبته، الذنب، بل يضاعف الذنب، ويسهل عليه مواقعته، مرة أخرى.