أي: قال إخوة يوسف، متوصلين إلى مقصدهم لأبيهم: {يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون} أي: لأي شيء يدخلك الخوف منا، على يوسف، من غير سبب، ولا موجب؟ {و} الحال {إنا له لناصحون} أي: مشفقون عليه، نود له ما نود لأنفسنا، وهذا يدل على أن يعقوب عليه السلام، لا يترك يوسف يذهب مع إخوته للبرية ونحوها.

فلما نفوا عن أنفسهم التهمة المانعة، لعدم إرساله معهم، ذكروا له من مصلحة يوسف وأنسه، الذي يحبه أبوه له، ما يقتضي أن يسمح بإرساله معهم، فقالوا: {أرسله معنا غداً يرتع ويلعب} أي: يتنزه في البرية ويستأنس، {وإنا له لحافظون} أي: سنراعيه، ونحفظه من كل أذى يريده.

فأجابهم بقوله: {إني ليحزنني أن تذهبوا به} أي: مجرد ذهابكم به، يحزنني، ويشق عَلَيَّ، لأنني لا أقدر على فراقه، ولو مدة يسيرة. فهذا مانع من إرساله {و} مانع ثان، وهو: أني {أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون} أي: في حال غفلتكم عنه، لأنه صغير، لا يمتنع من الذئب.

{قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة} أي: جماعة، حريصون على حفظه، {إنا إذاً لخاسرون} أي: لا خير فينا، ولا نفع يرجى منا، إن أكله الذئب، وغلبنا عليه.

فلما مهدوا لأبيهم الأسباب الداعية لإرساله، وعدم الموانع، سمح حينئذٍ بإرساله معهم، لأجل أنسه.

طبري

{الَّذِينَ جاءُوا بالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّا لَكُمْ، بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} قال: الشرّ لكم بالإفك الذي قالوا، الذي تكلَّموا به، كان شرّا لهم، وكان فيهم من لم يقله إنما سمعه، فعاتبهم الله، فقال أوّلَ شيء: {إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ، بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} ثم قال: {والَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015