قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ} في موضع رفع؛ أي ذهابكم به. أخبر عن حزنه لغيبته. {وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} وذلك أنه رأى في منامه أن الذئب شدّ على يوسف، فلذلك خافه عليه؛ قاله الكلبيّ. وقيل: إنه رأى في منامه كأنه على ذروة جبل، وكأن يوسف في بطن الوادي، فإذا عشرة من الذئاب قد احتوشته تريد أكله، فدرأ عنه واحد، ثم انشقّت الأرض فتوارى يوسف فيها ثلاثة أيام؛ فكانت العشرة إخوته، لما تمالؤوا على قتله، والذي دافع عنه أخوه الأكبر يهوذا، وتواريه في الأرض هو مقامه في الجب ثلاثة أيام. وقيل: إنما قال ذلك لخوفه منهم عليه، وأنه أرادهم بالذئب؛ فخوفه إنما كان من قتلهم له، فكنى عنهم بالذئب مساترة لهم؛ قال ابن عباس: فسماهم ذئاباً. وقيل: ما خافهم عليه، ولو خافهم لما أرسله معهم، وإنما خاف الذئب؛ لأنه أغلب ما يخاف في الصحارى. والذئب مأخوذ من تَذَاءبت الريح إذا جاءت من كل وجه؛ كذا قال أحمد بن يحيى؛ قال: والذئب مهموز لأنه يجيء من كل وجه. وروى ورش عن نافع «الذِّيبُ» قوله تعالى: {قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} أي جماعة نرى الذئب ثم لا نرده عنه. {إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ} أي في حفظنا أغنامنا؛ أي إذا كنا لا نقدر على دفع الذئب عن أخينا فنحن أعجز أن ندفعه عن أغنامنا. وقيل: «لَخَاسِرُونَ» لجاهلون بحقه. وقيل: لعاجزون.
ابن كثير:
جيبين له عنها في الساعة الراهنة {لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذاً لخاسرون} يقولون: لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا ونحن جماعة إنا إذاً لهالكون عاجزون.
السعدي: