وقد نقل عن جمع غفير من الصحابة تغسيل الموتى وحملهم دون أن يغتسلوا أو يتوضأو، روى الإمام البخارى فى صحيحه معلقاً بصيغة الجزم والأثر وصله الإمام مالك فى موطئه بإسناد صحيح، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما غسل ابنا لسعيد بن زيد ابن عم ابن نوفيل وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وحنطه ثم دخل المسجد وصلى ولم يغتسل ولم يتوضأ، وهذا صحابى جليل يفعل هذا مما يدل على أن ذلك الأمر للإستحباب.
وثبت فى الموطأ بإسناد صحيح كالشمس أيضا عن أسماء بنت عمير وهى زوجة صديق هذه الأمة أبو بكر رضي الله عنهم أجمعين عنه وعنها وعن سآئر الصحابة الطيبين، أنه عندما مات أبو بكر رضي الله عنه غسلته زوجه أسماء بنت عمير، فلما فرغت من غسله خرجت إلى الباب فقابلها المهاجرون الكرام رضوان الله عليهم، فقالت لهم: إنى صائمة واليوم يوم دارج كما ترون فى شدة البرد، والبرد إذا وقع فى المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه يعنى فى الإغتسال شدة وصعوبة لاسيما فى تلك الأيام عند عدم وجود يعنى حمامات يستحم فيها الإنسان، إنى صائمة واليوم بارد واليوم بارد فهل علىّ غسل، فأفتاها الحاضرون قاطبة بأنه ليس عليها غسل وما يجب عليها أن تغتسل مما يبين أن الأمر الصادر من نبينا عليه الصلاة والسلام بأن من غسل ميتا فليغتسل هذا للإستحباب لا للإيجاب والعلم عند الله جل وعلا.