ثبت فى سنن أبى داود والترمذى والحديث بإسناد حسن عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى عليه الصلاة والسلام قال: [من غسل ميتاً فليغتسل] ، وفى رواية الترمذى [من غسله الغسل ومن حمله الوضوء] ، أى من غسل الميت الإغتسال ومن حمله الوضوء، وهذا الحديث مع الحديث المتقدم قال أئمتنا يفيد أن الإنسان إذا غسل ميتاً يستحب له أن يغتسل وإذا حمله يستحب له أن يتوضأ، أما استحباب الغسل فلأن الإنسان إذا غسل الميت قد يصيب بدنه عندما يغسله شىء من النجاسة التى على بدن الميت، قد يخرج شىء من جوفه وأنت تصب عليه الماء فيتطاير عليك شىء من النجاسة، وهذا يقع سواء كان المغسول الميت مؤمنا أو كافرا قد يخرج منه شىء من النجاسة من دم إذا كان جريحا أومن شىء يخرج بعد ذلك من قبله أو دبره ويصب عليه الماء فيأتى على المغسل شىء من النجاسة فيستحب له أن يغتسل لا عن طريق الوجوب لأن النجاسة ليست متحققة متيقنة ولو تيقنت أنه على بدنك نجاسة لوجب عليك أن تغسلها لكن بما أن الأمر هناك يعنى مجالاً للإحتمال فاقطع الشك بأن تغتسل وأن تكون على أكمل الأحوال، وأما بعد ذلك الوضوء عند حمل الميت إذا حملناه فلنتوضأ لنزداد طاعة إلى طاعة، فحمل الميت طاعة، يشرع لنا أن نضم إلى هذا طاعة أخرى لتكتمل عندنا الخيرات لا من أجل إحتمال نزول نجاسة ووقوع حدث علينا، هذا هو المعتمد وهذا هو المقرر عند المذاهب الأربعة.
وللإمام أحمد رواية فقط ليس عليها المذهب الحنبلى: أن من غسل كافراً وجب عليه أن يغتسل من باب الوجوب لا من باب الإستحباب لهذا النص المتقدم، أن النبى عليه الصلاة والسلام أمر على أن يغتسل لكن عندنا ما هو أعم من ذلك، رواية أبى داود والترمذى (من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ) من غسله الغسل ومن حمله الوضوء، فهذا يدل على أن الأمر عام سوآء كان الميت مسلماً أو كافرا وأنه للإستحباب وهو المقرر عند أئمتنا الأتقياء رضوان الله عليهم أجمعين.