المعلم الخامس: من هذه المعالم: إن التعصب المذموم ينبغي أن نعي صورته لأنه حقيقياً كثر اللفظ حوله، إن التعصب المذموم هو أن يقول الإنسان مثلاً أنا على مذهب أبي حنيفة وبقية المذاهب ضلال ورداء، إن هذا تعصب مذموم وقائل هذا ضال مخرف في دين الله، أما لو قال أنا ألتزم في هذا المذهب ولا أخرج عنه، وهذا المذهب أجمعت الأمة على أنه مستمد من كتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت الاجتهادات تتفاوت فإذاً هذا معتبر وذاك معتبر كما أجمعنا على هذه القضية، فأنا لا أخرج على مذهب الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة، هذا تعصب محمود، والتعصب المذموم مذهبي هو الحق، ومذهب من عداي باطلة رديئة، فما قال هذا أحد من أئمتنا الأربعة ولا من عداهم، وأما نغمة السفهاء في هذه الأيام من أن اتباع إمام من أئمة الإسلام تعصب مقيت، مقتهم الله على هذا القول المقيت الذي يقولونه، إذا اتبع إنسان إمام من أئمة الهدى وعمل بأقواله صار متعصباً تعصباً مقيتاً، إي والله وقع هؤلاء السفهاء اللذين يريدون ضياع الأمة باسم السنة وقعوا في الفخ الذي نصب للأمة من قبل أعدائها، إن غاية ما يهتم به ديننا في هذه الأيام أنه دين الجمود، عدم التطور، هؤلاء الحامدون ما عندهم ليونة ولا مرونة، هذه الدعوى الذي بثها الغربيون في صفوف المسلمين يريدون منها أن نتزحزح عن دين رب العالمين، فجاء هؤلاء صاغوا هذه الدعوى بصيغة أخرى وقالوا إن الالتزام بمذهب من هذه المذاهب جمود، تعصب مقيت مقتهم الله على هذا القول المقيت الذي فرقوا به أمة نبينا عليه الصلاة والسلام.