واعلموا إخوتي الكرام: أن الإنسان يعامل على حسب نيته فيصح عمله أو يبطل يثاب عليه أو يعاقب على حسب ما يقوم في نيته من معنى من تعظيم لله أو من إرادة لغير وجه الله فإن عظّم الله قبل العمل وإن أراد غير وجه الله عز وجل بطل العمل ولذلك كان أئمتنا الكرام يقولون: تخليص النيات على العمال أشق عليهم من سائر الأعمال وقد أشار نبينا صلى الله عليه وسلم إلى هذا في أحاديثه الصحيحة الكثيرة الوفيرة منها الحديث المشهور بين المسلمين وهو في مسند الإمام أحمد والصحيحين والسنن الأربعة من رواية سيدنا عمر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
إنما الأعمال بالنيات صحة وفساد ثواباً وعقاباً قبولاً ورداً وإنما لكل امرئ ما نوى فمن هاجر صادقاً مخلصاً إلى الله ورسوله فأجره عند الله لن يضيع. ومن هاجر لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهو خاطب وتاجر وليس بمهاجر فهجرته إلى ما هاجر إليه إنما الأعمال بالنيات. وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي هو ذروة سنام الإسلام وهو الجهاد في سبيل الله.
إذا أراد المجاهد بجهاده عرض الدنيا ولم يُرد وجه ذي الجلال والإكرام فليس عند الله من خلاف وليس له إلا ما يحصّله في هذه الحياة من متاع ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن النسائي والحديث رواه الحاكم في المستدرك بسند صحيح أقره عليه الذهبي من رواية عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غزا ولم ينو من غزوته إلا عقالاً فليس له إلا ما نوى".. قوله إلا عقالاً إلا حبلاً يربط به بعيره ودابته فليس له إلا ما نوى.