إخوتي الكرام: وأيام العيدين التي نبتهج فيها ونسر بما من الله علينا من الخيرات والفضائل والأجور أيام تجمع مقاصد الدين بأسره وكنت ذكرت مرارا أن دين الله يقوم على دعامتين اثنتين تعظيم لله وشفقة على خلق الله ومقاصد الأعياد في الإسلام تجمع هذين الأمرين فعيد الفطر سبقه شهر رمضان شهر الصيام والقيام وشهر تعظيم الرحمن شهر الجود والإحسان ومساعدة المحتاجين من الأنام أما يوم الفطر ففيه أيضا هذان الأمران ففيه تكبير ذي الجلال والإكرام (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) وما أعلم ماذا أصاب المسلمين في هذه الأيام كأنهم يستحون من تكبير ذي الجلال والإكرام وكأن أصواتهم صارت عورة في هذه الأيام يذهب أحدهم إلى المصلى وهو أخرس ويذهب إلى صلاة الفجر وهو أخرس ويدخل هلال شوال وهو أخرس وكأنه ما حل على المسلمين يوم يكبرون فيه الله العظيم والله لو عقلنا منزلة هذا اليوم لدوت أصواتنا بالتكبير وارتجت الجدران على من عليها بتكبير ذي الجلال والإكرام لكن الأمة في هذه الأيام تستحي من الفضيلة وتجهر بالرذيلة وفيه بعد ذلك مواساة وصدقة الفطر ومساعدة لعباد الله المحتاجين.
فمقاصد العيد عندنا تقوم على مقاصد دين الله المجيد من تعظيم لله وشفقة على عباد الله وهكذا عيد الأضحى المبارك فقبل يوم العيد الحجاج يتجردون لله المجيد في أيام المناسك وقضاء المناسك التي عليهم ألسنتهم تجهر بالتلبية والتهليل والتعظيم لله ومن عداهم يصومون يوم عرفات ويعظمون رب الأرض والسموات وما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله عز وجل من عشر ذي الحجة أيام مباركة حصل فيها تعظيم لله وحصل فيها شفقة على خلق الله فبر الحج طيب الكلام وإطعام الطعام عظمت الله وأحسنت إلى عباد الله.