{تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر} قوله: {من كل أمر} إما أن تكون {من} بمعنى الباء، تتنزل الملائكة بإذن الله بكل أمرٍ أمروا به، بكل أمر أمروا به، ففي هذه الليلة يحصل فيها التقدير فـ {فيها يفرق كل أمرٍ حكيم} {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم ... ...} يتنزلون بأمر الله جل وعلا، {بإذن ربهم من كل أمر} أي بكل أمرٍ أُمروا به، وبكل تقديرٍ أُمروا به، وعليه تم الكلام عند قول الله: {وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر} ثم ابتدأ {سلامٌ هي حتى مطلع الفجر} سلام: إما أن الملائكة تنزل بعد ذلك لتسلم على المؤمنين والمؤمنات، أو أن تلك الليلة سالمة من كل سوءٍ ومن جميع الآفات.

{سلامٌ هي حتى مطلع الفجر} ، وإما أن قوله جل وعلا {من كل أمر} متعلق بما بعده ويصبح التقدير كما قرر أئمتنا: سلام من كل أمر، والأمر المراد منه واحد الأمور وهي الشؤون، وعليه شؤون تلك الليلة، أمورها، ما يجري فيها سلامة فلا يقع فيها نقص ولا سوء، ولا يخرج فيها شيطان ولا يَنْقَضُّ فيها كوكب، ولا تحصل فيها آفة، {سلام هي حتى مطلع الفجر} .

إخوتي الكرام..

ليلة القدر التي نزلت هذه السورة الكاملة بشأنها قال أئمتنا: تدل هذه التسمية على ثلاثة أمور مجتمعة.

أولها: القدر بمعنى التعظيم ومنه قول ربنا الكريم {وما قدروا الله حق قدره} أي ما عظموه، وهذه الليلة عظيمة فخيمة ففيها نزل كتاب ذو قدر على نبينا عليه الصلاة والسلام وهو ذو قدر، كتاب ذو قدرة على نبي ذي قدر، أرسل الله به ملكاً ذا قدر، وهذه الأمة صار لها قدر بذلك الكتاب ويصبح لها قدر عند الله إذا أحيت تلك الليلة، وهذه الليلة تنزل فيها ملائكة ذَوُوا قدر وفيها خيرات كثيرة ذات قدر. فالعظمة حاصلة فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015