إن هذا لا يستقيم ولا يصح وما بعد ذلك تكلف به من تأويل هذه الرواية بأن النبي عليه الصلاة والسلام أُطلِعَ على مُغَيّب على منبر سيكون في المدينة بعد حين كل هذا لا يستقيم مع ما تقدم، ولذلك قال شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسيره بعد أن بين أن القول المعتمد في تفسير الآية ما ذكرته {ليلة القدر خير من ألف شهر} أي من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، قال: وما عدا هذا فدعاوى باطلة لم يَرِدْ بها أثر ولم يشهد لها نظر، لم يرد بها أثر ولم يشهد لها نظر، ولم ترد في آي التنزيل ... ولذلك حكم الإمام ابن كثير في تفسيره أن الحديث مضطرب منكر الإسناد، ونقل هذا عن شيخ المسلمين في زمنه عن الإمام أبي الحجاج المزي، ولعل هذا الحديث مما دخلت فيه لأهواء السياسية والعلم عند رب البرية.
ولا يجوز أن نقول إن ليلة القدر خير من ألف شهر حكمها بنوا أمية للاعتبارات المتقدمة فكونوا على علم بذلك عباد الله.
{ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها ... } تنزل الملائكة، والروح: إما أن يراد منه خصوص جبريل، وهو أظهر الأقوال وخصه ربنا جل وعلا بالذكر تخصيص بعد تعميم لمزيته وشرفه ومنزلته ورفعة قدره من بين الملائكة الكرام،، وإما أن يكون ملك آخر أو صنف من الملائكة، والعلم عند الله جل وعلا، والأقوال الثلاثة في كتب التفسير، وأظهرها أولها {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} وكثيراً ما يخص الله جبريل بالذكر بعد ذكر الملائكة {من كان عدواً لله وملائكة ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدوٌ للكافرين} تخصيص بعد تعميم لمنزلة هذا الخاص ومكانته بين ذلك العموم.