وخلاصة الكلام لابد من تحقيق هذه الأمور الثلاثة في عبادة الرحمن، محبة لله، ورجاء له، وخوف منه.
أما الخوف كما قلت والرجاء فهما للعبادة كالجناحين للطائر، وقد نوه الله جل وعلا بشأن الخوف الذين وصف الله عباده به في آية النور {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} يقول الله جل وعلا في سورة السجدة: {إنَّما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكِّروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون * تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرةِ أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون *} .
وهكذا يقول الله جل وعلا في سورة الأعراف {ادعوا ربكم تضرعاً وخُفْيةً وإنه لا يحب المعتدين * ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً، إنَّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين} فالخوف إذاً خصال أهل الإيمان، من خصال من يعمرون بيوت الرحمن {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} .
وهذه الصفة التي فيهم ينبغي أن تصرف نحو الله جل وعلا، ولا يجوز أن تصرف نحو أحد من خلق الله، فالمؤمن يخاف من الله وكفى، ولا يخاف من مخلوق مهما كان شأنه، وقد نهانا الله جل وعلا عن الخوف إلا منه وحذرنا من الخوف من غيره وأمرنا أن نخاف وأن نفرده بذلك سبحانه وتعالى، يقول الله جل وعلا في سورة آل عمران {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا لهم أجرٌ عظيمٌ * الذين قال لهم الناس إنَّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضلٍ لم يمسسهم سوءٌ واتبعوا رضوان الله، والله ذو فضلٍ عظيمٍ * إنَّما ذلكم الشيطان يخَوَّفُ أولياءه، فلا تخافوهم وخافوني إنَّ كنتم مؤمنين *} .