وهذه الآيات نزلت بعد ما حصل ما حصل في موقعة أحد، كما روى ذلك الإمام الطبري في تفسيره والإمام الطبراني في معجمه الكبير، والإمام النسائي في سننه الكبرى، وابن مردوية في تفسيره، وإسناد الأثر صحيح عن عبد الله بن عباس قال: لما انتهت موقعة أحد ورجع أبو سفيان الذي رضي كما يقال من الغنيمة بالإياب والسلامة والهرب، مال له المشركون ولأصحابه بئسما فعلتم، لا محمد - صلى الله عليه وسلم - قتلتم ولا الكواعب أردفتم، أم عملتم في هذه المعركة ما أتيتم بأسيرات من المؤمنات ولا قتلتم خير البريات، فبئسما فعلتم، جئتم تقولون انتصرنا، ما هو النصر الذي حصل لكم، لا محمد - صلى الله عليه وسلم - قتلتم ولا الكواعب أردفتم، وهي النساء التي تكعب ثديها في صدرها فبئسما ما فعلتم، فأخذت الحمية أبا سفيان وهم بالرجوع لمقاتلة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن يأتي بالكواعب الحسان، فلما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك استنفر الصحابة الكرام وشرط عليهم أن لا يخرج إلا من حضر موقعة أحد فقط ليعلم الكفار أننا إذا خسرنا في معركة لأمر من الأمور فما خسرنا الحرب في المعركة، كيف سينال شرف الشهادة {وتلك الأيام نداولها بين الناس} فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من الصحابة الكرام وقد أصابهم القرح كما قال الله: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القَرح} وقرأ الأخوان حمزة والكسائي وخلف من العشرة وأبو بكر شعبة عن عاصم رضي الله عنهم، القرح بضم القاف {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القُرح} وقيل أن القراءتين بمعنى واحد كالضَعف والضُعف والفَقر والفُقر، وقيل أن القرح بالفتح هي الجراح والقتل، وبالضم الآلام الناتجة عن الجراح والقتل {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجرٌ عظيمٌ *} خرجوا ووصلوا إلى حمراء الأسد، تبعد ثمانية