القول الأول: أن الضمير يعود إلى من تقدم ذكرهم من أول سورة الأنبياء إلى هذا الموطن، فذكر الله في سورة الأنبياء موسى وهارون، وذكر إبراهيم، وذكر لوطاً، وذكر إسماعيل وإسحاق ويعقوب، وذكر أيضاً في سورة الأنبياء داود وسليمان وأيوب وذا الكفل وذا النون، ثم جاء إلى آخر من ذُكِرُوا في هذه الآية {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه، إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين} فجمع من تقدم ذكرهم من أنبياء الله هذا وصفهم، وذهب بعض الأئمة الكرام إلى قصر الضمير إلى آخر المذكور وهو زكريا وولده يحيي وأهل زكريا {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه} .
هؤلاء الأصناف الثلاثة من زكريا وزجه وولده {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين} وتخصيص من تعميم، ففي القول الأول دخل هؤلاء الصالحون المباركون مع من ذكروا قبلهم، والقول الثاني قال أن الضمير خاص بهم والأمر يسير، ويفهم من كلام الإمام بن كثير الميل إلى القول الثاني حيث نقل خطبة أبي بكر ونقلها عن تفسير ابن أبي حاتم وهي مذكورة أيضاً في حلية الأولياء في ترجمة أبي بكر، أنه خطب المسلمين فقال في خطبته (أما بعد أوصيكم بتقوى الله وأن تثنوا عليه بما هو أهله، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة، أي الخوف بالرجاء، الأمل بالوجل،، وأن تجمعوا بين الإلحاف والمسألة، الإلحاف وهي الإلحاح في السؤال، وسؤال ذي العزة والجلال، فإن الله ذكر زكريا وأهله فأثنى عليهم بذلك فقال {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه، إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين} .