اليهود والنصارى عندما زعموا أنهم أبناء الله وأحباءه، وأن الله لن يعذبهم ومهما فعلوه فهو مغفور لهم، وهكذا من عبد الله بالحب دون خوف ورجاء فنهاية أمره إلى الزندقة سيستمع الملاهي ويقول إنها لا تؤثر فيه، نعم وصل ولكن إلى جهنم، ومن عبد الله بالخوف فقط، أي: دون محبة دون رجاء فهو حروري والحرورية هم الخوارج عندما اجتمعوا في بلدة حروراء في ظاهر الكوفة فنسبوا إليها، وهؤلاء دينهم واعتقادهم قائم على التخويف، فلا رجاء عندهم ولا محبة منهم لربهم جل وعلا ولو أخطأ الإنسان خطيئة في هذه الحياة حكموا بكفره وخلود في نار جهنم، من عبد الله بالخوف فقط فهو حروري، أي من الخوارج الضالين، ومن عبد الله بالرجاء والأمل، رجاء وأمل دون خوف ووجل فهو مرجئي، والمرجئة هم الذين يقولون لا يضر مع كلمة الشهادة خطيئة، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وعليه من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله درجته مع درجة الصدِّيقين مهما فعل بعد ذلك من إثم ومعصيته لرب العالمين، مرجئي، حروري، زنديق، صديق، أربعة أصناف ولا يخرج الناس عن هذا، من عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو موحد صديق، ومن عبد الله بالحب فقط فهو شقي زنديق، ومن عبد الله بالخوف فقط فهو حروري، ومن عبد الله بالرجاء فقط فهو مرجئي، هذه الأمور الثلاثة وهي أركان العبادة قررها الله جل وعلا في كثير من آيات القرآن من ذلك قوله جل وعلا في سورة الأنبياء {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين} يسارعون في الخيرات لحبهم لنا وبطلبهم المنزلة عندنا، ويدعوننا رغباً راجين، رهباً خائفين.
إذاً هم يسارعون في الخيرات لمحبتهم لله، ويرجون رحمة الله، يخافون من عذاب الله، وضمير الجمع في قوله {إنهم} ذكر أئمتنا في بيان مرجعه قولان، يجمع بينهما ولا تعارض بينهما.