إخوتي الكرام: لابد من المحافظة على الأعمال من إبطالها فمن عمل عملا ثم أبطله فماذا استفاد منه ومن أجل هذا كان كثير من الصالحين تتقطع قلوبهم خشية من رب العالمين وإذا سئلوا هل هم من عداد المؤمنين يفوضون الأمر إلى رب العالمين ولا يقولون نعم سأل حسن البصري أمؤمن أنت قال إن شاء الله فقيل أتشك يا أبا سعيد قال وما يدريني إذا قلت نعم فقال الله لي كذبت فتحق علي الكلمة وما يدريني وهل أنا قمت بما يقتضيه على الكلمة كما حققت على إبليس وما يؤمنني أن الله اطلع على بعض أعمالي فمقتني فقال يا حسن اعمل ما شئت فلن أقبل منك فأنا أعمل في غير معمل ماذا يدريني. وان سفيان الثوري عليهم جميعاً رحمة الله يقول إذا سئلت هل أنت من المتوكلين وهل أنت بمن يتصف بمقامات الدين من محبة الله والخوف منه ورجاءه فاسكت أو قل أرجو إن شاء الله فإنك إن قلت نعم كذبت وإن قلت لا كفرت. إذا قيل لك هل أنت متوكل إن قلت نعم من عداد الكذابين ليس حالنا حال المتوكلين إذا قلت لا كفرت بالله فقل أرجو أن أكون من المتوكلين إن شاء الله أكون من المتوكلين لعل الله يجعلني منهم وأما أن تنسب هذا إلى نفسك وأنت ما تدري ماذا عملت من عمل أحبط أعمالك عند الله وأنت لا تدري كلمات قالها أناس في العصر الأول قراءنا أكذبنا السنة أرغبنا بطوناً أجبننا عند اللقاء حكم الله عليهم بالنفاق وبنار جهنم ولعله يجري منا أمثال أمثال هذه الكلمات في هذه الحياة وفي هذه الأوقات.
ولذلك قال العبد الصالح أبو يزيد البسطامي طيفور بن لميس الذي توفي سنة 261هـ ونعته شيخ الإسلام الإمام الذهبي في السير بأنه سلطان العارفين وقال له حكم ونكت مليحة وكان من كلامه رضي الله عنه وأرضاه يقول: من كان يظن أنه يوجد من هو شر منه فهو متكبر سبحانك ربي سبحانك ربي كيف كان أولئك يحاسبون أنفسهم نعم أخي الكريم مهما اطلعت على ذنوب العباد فإطلاعك على ذنوبك أكثر وأكثر فعلام ترى ذنوب غيرك وتنس ذنوبك.