الوقفة الرابعة: إخوتي الكرام بيان علية الصوم- بيان فائدة الصوم (كما كتب على الذين من قبلكم..لعلكم تتقون) هذه هي حكمة الصوم وهذه فائدته.. "تتقون" أن تجعلوا بينكم وبين ما يضركم وقاية وحاجزاً ومانعاً وحصناً وساتراً وفاصلاً وهذه الوقاية تكون بثلاثة أمور.. تكون عن طريق الحفظ والابتعداد والتحرز من الأخلاط الرديئة وعن طريق الوقاية من الأخلاق الرذيلة وعن طريق الاتصاف بصفة التقوى الجليلة " لعلكم تتقون الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة.. ولتتصفوا بصفة التقوى الجليلة الفضيلة.
أما الأولى: لعلكم تتقون الأخلاط الرديئة -إخوتي الكرام لا يخفى على الإنسان – ما لمواصلة الطعام والشراب من أضرار على بدنه ولذلك قال أئمتنا القدماء –المتقدمون – وقال هذا العرب في جاهليتهم أيضاً المعدة بيت الداء، والحمية أصل الدواء – وهذا الكلام نقل عن طبيب العرب وأطبهم على الاطلاق: الحارث بن كلدة وهو من الصحابة آمن بنبينا عليه الصلاة والسلام الحارث بن كلدة: المعدة بيت الداء، والحمية بيت الدواء، وكان هذا الطبيب يقول: ما أهلك البرية، وقتل الوحوش في البرّية، إلا إدخال الطعام على الطعام، وأنت عندما تصوم يحصل لبدنك نشاط وخفة، وارتياح من مواصلة الغذاء، وما عجّت المستشفيات بالمرضى إلا من إدخال الطعام على الطعام، وإذا التقى الطعام الثاني بالطعام الأول فهو سم قاتل للبدن، وإذا ما انهضم الطعام الأول قبل دخول الطعام الثاني مهلكة للبدن – ولذلك قال أئمتنا:
ثلاث مهلكات للأنام ... ومدعاة الصحيح إلى السقام
دوام مُدامةٍ ودوام وطءٍ ... وإدخال الطعام على الطعام
...