وتقدم معنى كلام أمنا عائشة وهو أثر صحيح، تقدم معنى أنه عندما دفن عمر رضي الله عنها وأرضاها أنه عندما دفن ما دخلت على حجرتها إلا وشدت عليها ثيابها، ثيابها مشددة عليها حياء من عمر لما دفن نبينا عليه صلوات الله وسلامه تدخل وتخرج كعادتها تقول زوجي، فلما دفن أبوها على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، لما دفن أبوها صديق هذا الأمة أبو بكر رضي الله عنهم أجمعين تقول أبي وزوجي تدخل وتخرج وتضع خمارها عن رأسها، يعني لا تتحجب الحجاب الذي تتحجب المرأة أمام الأجانب، فلما دفن عمر ما دخلت حجرتها رضي الله عنهم أجمعين إلا وثيابها مشدودة عليها حياء من عمر سيرى شعرها، سيرى وجهها وسيرى جسمها ولا يجوز يرها لو كان حياً فتحترس منه إذا كان ميتاً، يا عبد الله، إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه.
المعنى السادس: الذي قرره شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية كما قلت نصره واختاره الإمام ابن جرير ورجحه الإمام الذي يجده الميت عندما يفعل بجواره معصية كما أنه يلتذ بالطاعة يتألم بالمعصية، وهذا دليل صحيح صريح على هذا التوجيه الذي قرره أئمتنا على أن الميت يشعر ويحس ويدرك ويغتم بحال من يزور ويفرح إن فعل عنده طاعة، ويحزن إن فعل عنده معصية.
إخوتي الكرام: مما لاشك فيه أن القبر روضة من رياض، أو حفرة من حفر النار، وسيأتينا هذا ضمن مباحثنا إن شاء الله عندما يتعلق بأحوال البرزخ يوم القيامة بعون الله بعد الانتهاء من صفة الخوف وما يتعلق بها عند بيان اليوم الذي {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} أشرح ما يتعلق بالحالة البرزخية إنما أريد أن أقول إن الميت في قبره في روضة من رياض الجنة أو في حفرة من حفر النار، وهذا لا يكون إلا كان له شعور سليم شعور كامل دقيق مستقيم يزيد على شعور الحي بكثير، إنما ذلك ألا هو تلك اللذة لا يمكن أن يحس به الميت إلا إذا كان عنده شعور عنده إدراك عنده إحساس كإحساس الحي به أدق.