اخوتي الكرام: من خاف الله في هذه الحياة له النجاة بعد الممات {ولمن خاف مقام ربه جنَّتان} وكنت أشرت في أول المواعظ السابقة عند مبحث الخوف أن من يخاف من الله جل وعلا له أجر كبير في العاجل والآجل واستشهدت بعد ذلك بما يتعلق ببعض الأمور بقول الله جل وعلا: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنَّة هي المأوى} ومر معنا الكلام هناك في إضافة المصدر إلى الفاعل أو إلى المفعول كما تقدمت معنا آية الطور في قول العزيز الغفور: {إن المتقين في جنَّاتٍ ونعيم * فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم*} .
ثم ذكر الله جل وعلا نعتهم وما يحصلون في جنات النعيم وأخبر عنهم بأي شيءٍ استحقوا ذلك فقال: {وأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون * قالوا إنا كنا في أهلنا مشفقين * فمنَّ الله علينا ووقانا عذاب السموم * إنَّا كنَّا من قبل ندعوه، إنَّه هو البر الرحيم} .
اخوتي الكرام: وكما دل على ذلك آيات القرآن فقد تتواترت بذلك الأحاديث عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - سأقتصر على ثلاث أحاديث تقرر أن من يخاف الله في هذه الحياة له النجاة بعد الممات وهو في غرف الجنَّات.
الحديث الأول: رواه الإمام أحمد في المسند والشيخان في الصحيحين، ورواه الإمام النسائي والترمذي في السنن، ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: [سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، الإمام العادل، وشاب نشأ في طاعة ربه في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأةٍ ذات منصبٍ وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه] .