{قل هو الله أحد الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد *} أمخلوق هذا؟ قل هو الله أحد، أمخلوق هذا؟ فقال: دع عنك هذا الكلام فهذا كتاب الخليفة فإن قلت إنه مخلوق كتبت إليه بذلك وقد أمرني إذا قلت بذلك وأن أبقيك على أمرك وأن يجري عطاؤك كما كان، وكان يسرف له في كل شهر خمسمائة درهم، فإن بقيت أجري عليك العطاء، فقد أمرني الخليفة بقطع العطاء عنك، قال: سبحان الله تقطع عطائي، وإذا قطعت عطائي فهل قطعت رزقي والله يقول في كتابه {ورزقكم في السماء وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} هذا هو التوحيد الخالص، تهددني بقطع رزقي والله يقول {ورزقكم في السماء وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} فقال له الأمير: قم فقد قطعنا عطاؤك، فقام عفان بن أسلم ودخل إلى بيته وفيه أزواجه وأولاده وقد بلغوا أربعين نفساً، فعزلوه ولاموه وقالوا هل لا ينتفي الكلام من أجل هذا الحطام، من أجل عرض الدنيا فقال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب} فلما حان المغرب قرع الباب فجاء رجل في صورة سمان أو زياد قال: أبا عثمان ثبتك الله على الصراط كما ثبت الإسلام، وهذه ألف درهم تصل إليك في كل شهر على الدوام، قطع عنك خمسمائة فهذه ألف درهم ولا يعرفه {ولا يعلم جنود ربك إلا هو} أبا عثمان ثبتك الله على الصراط كما ثبت الإسلام، ولما امتحن بعده أبو نعيم الفضل بن دكين وهو من أكابر الشيوخ البخاري ومن أئمتنا الكرام وحديثه في الكتب الستة هدد أيضاً بقطع الرزق قطع زراً من قميصه ورمى به إلى جهة الأمير وقال: ما دنياكم عندي إلا أقل من هذا الزر، وما قطع رقبتي عندي إلا أقل من هذا الزر. تخوفوننا بشيءٍ لا وزن له ولا اعتبار، هذا هو التوحيد وهذا الذي كان عليه أئمتنا الأبرار، وقد تولاهم الله وأعزهم الله وجعل لهم لسان صدق في هذه الأمة.