اخوتي الكرام: هذه هي ثمرة التوحيد في العاجل، إن الإنسان يكتب له العز والتمكين والنصر المبين فيتولى الله أمره في كل حين، وأما في الآجل في الآخرة فحدث ولا حرج عن الثمرات اتي يقطفها من خاف رب الأرض والسموات، إنه سيكون في أمن في ذلك اليوم العصيب الرهيب، وسيكون بعد ذلك {في جنات ونهر * في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر} أشارت آيات القرآن الكريم إلى هذا في كثير من المواضع والأماكن منها قول الله جل وعلا في سورة البينة: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، رضيَ الله عنهم ورضوا عنه، ذلك لمن خشيَ ربه} لمن خاف الله.
{يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} ويقول ربنا الملك في سورة الملك: {إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجرٌ كبير} وهكذا يقول الله جل وعلا في سورة ق بعد أن ذكر عقوبة الكافرين ومن لم يخف منه في هذه الحياة الدنيا فقال جل وعلا: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد * وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أوابٍ حفيظ * من خشيَ الرحمن بالغيب وجاء بقلبٍ منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد*} يزيدهم الله كرامات أعلاها النظر إلى نور وجه رب الأرض والسموات، ثبت هذا في تفسير الطبري وغيره من رواية على وأنس بن مالك رضي الله عنه، {لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد} هو النظر إلى وجه الله المجيد.
إذاً هذه هي ثمرة الخوف في الآجل في الآخرة، وقال جل وعلا في سور الرحمن {ولمن خاف مقام ربه جنَّتان} وهاتان الجنتان تكونان للسابقين المقربين وجنتان أيضاً بعد ذلك تكونان للتابعين أصحاب اليمين كما قال الله عز وجل {ومن دونهما جنتان} {ولمن خاف مقام ربه جنتان} .