عباد الله: من تأمل حالنا يرى تغاير سرنا من علننا فيما يتعلق مع ربنا وفيما يتعلق مع بعضنا وهذا لا شك يوجب فينا النفاق، وإذا كان كذلك فينبغي أن نخشى من الله عز وجل وأن نخافه وأن نجاهد أنفسنا وأن نقلع عن الصفات الذميمة التي فينا وأن نستعد اليوم الذي تشخص فيه الأبصار وتتقلب فيه القلوب في تلك الدار إذا كان هذا فينا وهو موجود فينبغي أن يعظم خوفنا من ربنا جل وعلا كما نعت الله بذلك عباده الطيبين لكن الذي يتأمل أحوالنا أيضاً، تأملا آخر ثانياً يرى أننا في غفلة لاهون مع تقصيرنا في حق ربنا جل وعلا ومع عدم حسن صلتنا مع بعضنا فنحن في الأمرين مقصرون ومع ذلك غافلون لاهون وقد أشار معاذ ابن جبل رضي الله عنه وأرضاه إلى ما سيقع في هذه الأمة ونسأل الله أن يحسن ختامنا وأن يلطف بنا وأن يحسن أحوالنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، فقال كما في مسند الدارمي يقول معاذ ابن جبل رضي الله عنه وأرضاه (سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب فيتهافث يقرؤونه فلا يجدون له لذة ولا شهوة يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب أعمالهم كلها طمع لا يخالطها خوف، إن قصروا قالوا سنبلغ، وإن أساءوا قالوا سيغفر لنا إنا لا نشرك بالله شيئاً) .
نعم هذا حال المغرورين المعتوهين في الأمم السابقة وهو حال المنافقين في هذه الأمة، {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (لأعراف:169) .