هذا حالنا مع ربنا جل وعلا نقرأ كلامه بلا شهوة ولا لذة ثم بعد ذلك أعمالنا كلها طمع ليس فيها خوف وإذا قصرنا نقول سنبلغ، وإذا أسأنا نقول سيغفر لنا وكأن النار خلقت للصحابة ولم تخلق لنا حتى اشتد خوفهم من ربهم جل وعلا وحصل الأمن فينا ونسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأما تغاير الأحوال والسر والعلن فيما بيننا فحدث ولا حرج إذا اجتمعت مع الناس مدحوك وإذا غبت عنهم بألسنة حدادٍ سلقوك إخوان العلانية وأعداء السر ولكثرة صلات الناس ببعضهم كان أئمتنا يقولون إذا سمعت بصديق صدقه فلا تصدقه، نعم رحل الأخوان الكرام وبقى الأخوان الذي لا يخشى الرحمن، زمان كل حبٍ فيه خَبُّ وطعم الخيلِّ خَلُّ لو يُذاق، لهم سوق بضاعتُه نفاق، فنافق فالنفاق له نفاق، قيل للحسن البصري رضي الله ورضوانه عليه يزعمون أنه لا نفاق في البصرة قال سبحان الله لوا نعدم المنافقون لاستوحشتم الطرقات ولو كان للمنافقين أذناب لما استطعتم أن تدخلوا الأسواق، النفاق انعدم هذه أحد التابع بعضنا وتلك صلتنا بربنا ووالله لا أقول هذا تعييراً لواحد بعينه وما أعلمه من نفس أضعاف أضعاف ما أعلمه من غيري إنما لابد إخوتي من النصح والتناصح ونحن نقول هذا وهو واقع فينا ولا ينجو منه أحد عباد الله وعلى غيره عبد الله الإنسان على نفسه بصيرة وما تعلمه من نفسك أضعاف أضعاف ما تعلمه من غيرك فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس.
أسأل الله برحمته التي وسعت كل شيء أن يلهمنا رشدنا وأن يغفر ذنوبنا وأن يستر عيوبنا وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يجعل خير أيامنا يوم لقاه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.