أولها: أخبر ربنا – جل جلاله – في هذه الآية المباركة بأنه مالك المظروف "َلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وما في َالْأَرْضِ"واعلم في آيات أخرى بأنه مالك الظرف أيضاً، فقال – جل وعلا –: في سورة الشورى "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ"، والأمران ثابتان لربنا الرحمن فله ملك الظرف والمظروف، كما قال – تبارك وتعالى – في سورة المائدة: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} المائدة17-18.
ثانيها: لم يخص ربنا – جل وعلا – في آية الكرسي ملكه بالمظروف دون الظرف؟ والجواب ما قاله أو حبان – عليه رحمة ربنا الرحمن –: لأن المقصود نفي الإلهية عن غير الله – تبارك وتعالى – وأنه لا ينبغي أن يعبد غيره، لأن من عبد من دون الله من الأجرام النيرة التي في السموات كالشمس والقمر، والأشخاص الأرضية كالأصنام وبعض بني آدم، كل منهم ملك لله – تبارك وتعالى – مربوب مخلوق، وكرر "ما" للتوكيد وتقدم أنه – تبارك وتعالى – خالق السموات والأرض، فلم يذكر هنا كونه مالكهما استغناء بما تقدم (?) .