نعم الذين يقومون على حكم الله جل وعلا حكم العبيد فلا شك فلا شك في نفاقهم وخروجهم من دين الله المجيد وهؤلاء ينطبق عليهم ما ينطبق على المنافقين في العصر الأول، {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * إلا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} .
نعم: قد أفسدوا في الأرض باسم صلاحها، قد بدلوا أحكامه بنظام، فالنظام هو ما شرعه الرحمن جل وعلا وكل من رأى وكل من اعتقد وكل من مال في قلبه إلى نظام آخر ورآه أنه واجب الطاعة ولا حرج ولا ضير عليه في الأخذ به والاحتكام إليه فلا شك في نفاقه، النفاق الأكبر الذي يخرجه من ملة الإسلام ويوجب له الخلود في النيران، إحدى الكلام: الإمام بن القيم عليه رحمة الله بعد أن أورد مقالته السابقة قال: فلو رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه زماننا ويقصد به الزمان الذي عاش فيه وهو القرن الثامن للهجرة وقد توفي سنة واحد وخمسين وسبعمائة للهجرة 751هـ رحمة الله ورضوانه عليه، كيف لو رأى أيامنا وعصرنا الذي نعيش فيه دعاة ضلالة على أبواب جهنم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا من أجابهم قذفوه في نار جهنم، ضلالات ما أكثرها، يروج لها ويضلل العباد نحوها، ماذا يقول عمر رضي الله عنه لو أدرك زماننا إخوتي الكرام ولا يشكلن عليكم أن بعض هؤلاء المنافقين الذي يرون عدم وجوب طاعة نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام في جميع شئون الحياة لا يشكلن عليكم أن بعض هؤلاء المنافقين يفعلون أحياناً بعض الخيرات ويقومون ببعض شعائر الإسلام لا يشكله عليكم هذا أبداً وقد كنت ألمحت وأشرت في الموعظة السابقة إلى شيء من ذلك وبينت أنه إذا حصل من المنافق بعض شعائر الإسلام لا يعني أنه ليس من المنافقين وقررت هذا بأحاديث في الموعظة الماضية والله يؤيد دينه بالرجل الفاجر وبالأقوام الأشرار وبمن لا خلاق لهم عند الله جل وعلا، وإذا كان أكثر منافقي هذه الأمة القراء فكيف سيكون إذا البلاء فيمن عداهم إن النسبة أكبر وأكبر