يقول الإمام بن القيم عليه رحمة الله جل وعلا في كتابه مدارج السالكين في الجزء الأول صفحة خمس وعشرين وثلاثمائة ص325: (هل كان في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد يقدم رأيه وقياسه على قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وهل كان في زمنه عليه الصلاة والسلام وبين الصحابة الكرام أحدٌ يقدم ذوقه ووجده على كلام النبي عليه الصلاة والسلام وهل كان في زمنه ووجد في الصحابة من يقدم عقله وسياسته على شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال إن الله صان أعينهم وأكرم وجوههم من أن ترى من هذا شاكلة ثم قال ولقد حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيمن لم يقبل بحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قضيته بالسيف وقال هذا حمي فيمن لم يقبل حكم النبي عليه الصلاة والسلام.

نعم إخوتي الكرام: إن هذه الأمور ملحقة للإنسان بالمنافقين إذا اعتقد ما يناقض أصل الإيمان من أن النبي عليه الصلاة والسلام لا تجب طاعته وأنه لا مانع من الركون إلى الكفار ولا مانع من الأخذ بقوانينهم وأنظمتهم وضلالهم، وإذا بعد ذلك انتصر المؤمنون كأنه يستاء وإذا تقدم الكافرون يفرح أي نفاق بعد هذا النفاق وأي كفر أشنع من هذا الكفر والله جل وعلا يقول ف سورة محمد عليه الصلاة والسلام:

(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد:25-28) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015