نفى السماع عنهم ووصفهم بالصمم، ثم قال: إذا ذكر عندهم بسوء أذنوا أي استمعوا كقول الله في سورة الانشقاق {إذا السماء انشقت وأذنت} : أي استمعت {وأذنت لربها وحقت} ، إذا سمعوا السوء آذنوا، إذا سمعوا الخير صم، فوصفهم بالصمم لأنهم لا يستمعون ما ينفعهم، وهذا المعنى قرره الله تعالى في آيات كثيرة فقال تعالى: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون} (?) أي حالك مع الكفار عندما تدعوهم لاتباع شريعة اله جل وعلا حالُك كحالك عندما تدعوا الحمار تماما، فالحمار لا يسمع منك إلا أصواتاً لا يعي مدلولها، وهؤلاء كذلك.

{ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق} : أي يصيح ويرفع صوته بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً، لا تسمع البهائم منك إذا ناديتها إلا أصواتاً تصيح بها، وهكذا الكفار تتلى عليهم آيات العزيز القهار فلا يعونها ولا يفقهونها، {صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون} ،، {صمٌ} لا سمع عندهم {بكمٌ} لا كلام ولا وعي {عميٌ} في أبصارهم فلا يبصرون، ثم بعد ذلك قلوبهم ميتة لا يعقلون.

وليس المراد نفي العقل عنهم ونفي هذه الجوارح وإلا لارتفع التكليف ومثل هذا قوله تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} (?) .

ومثل هذا قوله تعالى: {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا} (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015