ومثل هذا قول الله جل وعلا في سورة المائدة: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سمَّعون للكذب سمَّعون لقومٍ آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه بقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا، ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً، أولئك الذين لم يرد الله أيطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم} (?) إلى آخر الآيات، وهذه كلها تسلية لخير المخلوقات - صلى الله عليه وسلم -، ومثل هذا قوله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين * إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين} (?) .
وهكذا قوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} (?) .
هذه كما قلت إخوتي الكرام، ثلاث دلالات تقرر هذا المعنى ألا وهو أن المراد بالموتى في قوله جل وعلا: {إنك لا تسمع الموتى} موتى القلوب، لا موتى الأبدان، لا تسمعهم إسماعاً يترتب عليه الأثر من الاتباع والانتفاع والاهتداء.
هذا المعنى الأول: وكما قلت، ذهب إليه جمهور المفسرين.
المعنى الثاني: هو الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاويه 4/299، 24/330، ومآل هذا القول إلى القول الأول، قال: (إن المراد من الموتى هنا موتى الأبدان، لكن هذا مثل ضرب لموتى القلوب، فالله تعالى يقول لنبييه - صلى الله عليه وسلم -