إخوتي الكرام: أما ما يتعلق بالقضية الأولى، فإذا كان المؤمنون كما تقدم معنا يحسُّون في حياتهم البرزخية ويشعرون بمن زارهم ويسمعون الكلام الذي يقال عندهم، وتعرض عليهم أعمال قرابائهم بعدهم، ويتزاورون فيما بينهم فإن هذا ثابت عن طريق الأكمل والأفضل والأثم والأحسن لأنبياء الله ورسله عليهم صلوات الله وسلامه، وقد خصهم الله تعالى بخصائص كثيرة في الحياة البرزخية كما خصهم في الحياة الدنيوية، فمن ذلك أن أبدانهم الشريفة الطاهرة الطيبة المباركة لا تفنى ولا يمكن لأرضٍ أن تأكل بدن نبي، وأما من عداهم فالأصل أن تأكل أبدانهم، وإذا أراد الله أن يكرم ولياً من أوليائه وصالحات عباده بعدم تسليط الأرض على بدنه فهو على شيءٍ قدير، أما الأنبياء، فالأرض لا تأكل أبدانهم باتفاق.
وقد ثبت هذا عن من لا ينطق عن الهوى عن نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام ففي مسند الإمام أحمد والسنن الأربعة إلا سنن الترمذي والحديث رواه ابن حبان في صحيحه وابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه وإسناده صحيحٌ كالشمس، صححه شيخ الإسلام الإمام النووي وهكذا الإمام المنذري والسيوطي وغيرهم من أئمة المسلمين الجهابذة المحدثين ولفظ الحديث عن أوس بن أوس قال سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: [إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، وفيه تقوم الساعة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه.. على نبينا صلوات الله وسلامه.. فإن صلاتكم معروضة عليَّ، قالوا وكيف تعرض عليك صلواتنا يا رسول الله وقد أرمت؟] أي بليت وتفتتت عظامك وبلي جسدك الشريف، وقد أرمَّت: أي أرمَّت عظامك وبليت، وقد أرمَّت أي منك العظام وتفتتت، [قال: إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء] .