وكل من الفريقين على ضلال، ودين الله بين الغالي والجافي ولا إفراط ولا تفريط، وكنا نناقش بعض ما زعمه بعض الناس من أنه بدعة ولا ينطبق عليه مفهوم البدعة وحدها ورسمها، وقلت مراراً إخوتي الكرام كل ما احتمله الدليل وقال به إمامٌ جليلٌ فلا يجوز أن نحكم عليه بأنه بدعة في شرع اللطيف الخبير، وضربت لذلك أمثلة، وقلت إن أهل الشطط في هذه الأيام وسَّعوا مفهوم البدعة فما احتمله الدليل وقال به إمامٌ جليل قالوا إنه بدعة بل ما صرح به الدليل وما راق لعقلهم الهزيل قالوا إنه بدعة، وضربت لذلك أمثلة إخوتي الكرام فيما مر.
وكنا نتدارس قضية من القضايا حكم عليها بالبدعة، سأكملها في هذه الموعظة.
تقدم معنا إخوتي الكرام ما يتعلق بقراءة القرآن على القبور وما يتعلق بتلقين الميت، وما يتعلق بالقضية الثالثة ألا وهي أن الموتى يحسّون بما يجري حولهم ويعلمون ويشعرون بمن يزورهم ويسمعون ما يقال حولهم وعندهم، وتعرض عليهم أعمال قرابائهم بعدهم، ويتزاورون فيما بينهم.
تقدم معنا تقرير هذا بأدلته وفصلت الأدلة على ذلك وأجملها في هذه الموعظة مختصرة، فقلت صرح نبينا - صلى الله عليه وسلم - بذلك كما تقدمت معنا الأحاديث وأذن فما بزيارة القبور، ولا يمكن أن نزور جماداً لا يعي ولا يسمع ولا يشعر ولا يحس، وقد صرح النبي عليه الصلاة والسلام بأن الميت يعرف من زاره ويرد عليه سلامه.
والأمر الثالث: قلت ما شرع لنا من سلام نقوله على الأموات هذا يكون في حال مخاطبة من يعقل ويسمع ويدرك ويشعر، ويتنزه الشرع الحكيم أن نخاطب جماداً بهذا الألفاظ، السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين.
هذه القضية إخوتي الكرام كما تقدمت معنا دلت عليها النصوص الشرعية، ووجد في هذا العصر من يقول: (إن القول بأن الموتى يسمعون ويشعرون ويحسون ويعلمون بمن زارهم " بدعة وتحريف " سبحان ربي العظيم،