النحل17، وقال – جل وعلا –: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً} الفرقان3.

قال عبد الرحيم – غفر الله له ذنوبه أجمعين –: تقدم أن الحياة التامة تقتضي القيام بالنفس وعدم الاحتياج إلى الغير، وقد أكدت تلك الدلالة في اسم ربنا الحي مرة ثانية في اسم ربنا القيوم، مع إفادة قيام جميع المخلوقات به أيضاً، فهو القائم نفسه المقيم لغيره، فبه قيام جميع الكائنات والأكوان، ولتضمن الحي القيوم ذينك الأمرين، صار ذلك الاسمان الكريمان، مشتملين على جميع صفات ربنا الرحمن، فكل صفة يتصف بها ربنا – جل جلاله – لا تكون إلا بعد كونه حياً وما يترتب علي صفاته من آثار، من مخلوقاته من إيجاد أو عدم، ومنع وإنعام، لا يتم إلا بعد كونه قيوماً فعادت جميع صفات ربنا إلى الحي القيوم، وآلت إليهما، فهما أساس الكمالات، وما سبب التنزه عن النقائص والآفات، فالحياة الكاملة، والقيومية التامة توجب ذينك الأمرين وتحتمهما، وعن صفات الرب المجيد تتفرع سائر مباحث التوحيد ن بل إن جميع ما يجري في الكون علويه وسفليه، من عرشه إلى فرشه من آثار صفات ربنا – عز وجل – ولذلك كان الإيمان بصفات الرحمن أساس الإسلام، وقاعدة الإيمان، وثمرة شجرة الإحسان، وهو مبدأ الطريق، ووسطه وغايته، فهو روح السالكين، وهاديهم، إلى رب العاملين، كما تقدم تقرير ذلك فتذكر ولا تكن من الغافلين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015