وحاصل المعنى لصفة القيومية لذات ربنا علية أنه قائم بنفسه مقيم لغيره، والأمر الثاني متوقف على الأول، لأنه لا يتأتى قيام كل موجود به إلا إذا كان قائماً بذاته – سبحانه وتعالى – وذانك المعنيان لا يتصف بها أي مخلوق كان، اجتماعاً أو افتراقاً، إنما هما خاصان بربنا الرحمن، قال الله – جل وعز –: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} فاطر41، وقال – جل جلاله –: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} الرعد33، والمعنى: هل يستوي شأن من هو حفيظ على كل نفس، عليم بها، رقيب عليها، مهيمن على جميع أحوالها بشأن من هو ليس كذلك من الآلهة المزيفة التي تعبد من دون الله – جل وعلا –؟ فهي لم تخلق عابديها، ولا تستطيع حفظهم، ولا مراقبة أعمالهم، وليس لها هيمنة عليهم في حال من أحوالهم، فـ (من مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: كمن ليس كذلك، وسبب حذفه دلالة السياق عليه، فاكتفى بذلك عن ذكره، قال – جل وعلا –: " وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء" أي: أعلمونا بهم، واكشفوا عن حالهم، فهم لا حقيقة لهم، ولا يملكون لأنفسهم نفاً ولا ضراً، وقد جاء الخير مثبتاً في آيات كثيرة، مصرحاً بتلك الحقيقة، فمن ذلك قول الله – تبارك وتعالى –: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (?) }

طور بواسطة نورين ميديا © 2015