والحديث رواه الحاكم في مستدركه، والإمام الطبراني في معجمه الكبير عن معقل بن يسار عن نبينا -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: قال الرب عز وجل: [ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأملأ يديك رزقاً وإلا تفعل ملأت صدرك فقراً وملأت يديك شغلاً] فيتعب وهو فقير القلب، ينصب وكلما حصل عرضاً من الدنيا كلما ازداد حرصاً وجشعاً وطمعاً ومحب الدنيا كمن يشرب من البحر. كلما ازداد شرباً ازداد عطشاً والغنى غنى النفس فهؤلاء العباد إذا جاءتهم هذه الدنيا لا تلهيهم عن الله -جل وعلا- وقلوبهم متعلقة بالله وإذا حلت الدنيا في أيديهم أنفقوا من جميع جهاتهم.
كما ثبت في المسند والصحيحين والحديث رواه الإمام ابن ماجه في سننه من رواية أبي ذر -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: [إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا أي عن يمينه وعن شماله ومن خلفه كما وضح هذا نبينا -صلى الله عليه وسلم- والحديث روى عن ابن عباس وابن مسعود وعن أبي هريرة -رضي الله عنهم أجمعين- بزيادة الجهة الأمامية إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وأنفق من جميع جهاته فمن فعل في المال هذا الفعل فقد حقق قول الله -جل وعلا- (لا تلهيهم تجارة ولا بيع) .
وخلاصة الكلام -إخوتي الكرام- هؤلاء العباد عباد الرحمن الذين يكونوا في بيوت ذي الجلال والإكرام يقنعون بما قسم لهم ولا يحبون الدنيا ولا يبخلون بها ولا يحرصون عليها وإذا جاءتهم لا تشغلهم عن الله طرفة عين وينفقون منها في جميع جهاتهم أسأل الله برحمته التي وسعت كل شيء أن يرزقنا من فضله وأن يجعل ذلك عوناً على طاعته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين أقول هذا القول وأستغفر الله.
الخطبة الثانية: