وفي رواية مسند البزار أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عندما كان أميراً على الكوفة من قبل عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم أجمعين- فجاءه بعض الناس فأعطاه عطائه في الشهر ألف درهم ثم قال له خذ سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: [إنما أهلك من كان قبلكم الدرهم والدينار وهما مهلكاكم] فهؤلاء العباد الذين يعمرون بيوت الله في الأرض لا تلهيهم تجارة ولا بيع. لا يلهيهم عرض الدنيا فيقنعون بما قسم الحي القيوم ولا يحبون الدنيا ولا يبخلون بها ولا يحرصون عليها وآخر الصفات فيهم، أن هذه الدنيا إذا جاءتهم لا تشغلهم عن الله -جل وعلا- في حالٍ من الأحوال ويتقربون بهذا المال إلى ذي العزة والجلال فقلوبهم مع الله وهي واثقة بأن ما قُسم لهم سيأتيهم ثبت في مسند الإمام أحمد، وسنن الترمذي، وابن ماجه، والحديث رواه الحاكم في مستدركه، وابن حبان في صحيحه، ورواه البيهقي في الزهد وإسناده صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فتلا قول الله تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيب} (?) ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم: قال الله -عز وجل-: [ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غناً وأسُد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك] . فهذه الدنيا لا تلهيهم عن الله طرفة عين في حالٍ من الأحوال.