والحديث رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه عن الخليفة الراشد المهدي المهتدي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: [لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا] والتوكل على الله هو ثقة القلب بالرب وأن يعلم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطئه لم يكن ليصيبه فهم تعلقت قلوبهم بالله -جل وعلا- وتبع ذلك راحة الأبدان فمشو في مناكب الأرض وتعرضوا لنفحات الله وفضله دون إرهاق لأبدانهم ودون غم في قلوبهم لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا تذهب في الصباح وهي جياع ضامرة البطون ثم تعود بعد ذلك في المساء إلى أوكارها وقد امتلأت بطونها من فضل ربها تغدو خماصاً وتروح بطاناً عباد الله فهؤلاء الأخيار الذين يعبدون الله في هذه المساجد في بيوت الله في أرضه هؤلاء لا تلهيهم تجارة ولا بيع وكيف يتحقق عدم الإلتهاء بما في الدنيا من البيوع والتجارات يتحقق هذا -إخوتي الكرام- بأمور كثيرة سأجملها في خمسة أمور بعد أن بينت في الموعظة الماضية إلا أن هؤلاء الأخيار لا يلتهون بعرض الدنيا ولا يشتغلون به كيف يتحقق هذا بوجود القناعة في قلوبهم ويتحقق هذا بعدم حب الدنيا والميل إليها ويتحقق هذا بعدم البخل بها بعد إحرازها وحيازتها ويتحقق هذا بعدم الحرص عليها ويتحقق هذا بعد ذلك بأمر خامس أنهم لا يلتهون ولا يشغلون بهذه الدنيا بحال من الأحوال إنما يتقربون في كل وقت إلى ذي العزة والجلال فمن اتصف بذلك فهو حقيقٌ بأن يكون من أهل هذه الآية رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع.