{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (?) .
أما بعد معشر الأخوة المؤمنين:
إن أشرف البقاع في الأرض وأحبها إلى الله -جل وعلا- - المساجد، فهي بيوته، وفيها نوره وهداه، وقد نعت الله عباده الطيبين الذين يعظمونه في هذه البيوت بأنهم رجال، ثم وصفهم بأربع خصال: لا تلهيهم البيوع ولا التجارات، ويقيمون الصلاة، ويذكرون الله، ويؤتون الزكاة، ويحسنون إلى عباد الله، ثم بعد ذلك يستعدون للقاء الله، ليوم تشخص فيه الأبصار {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} (?) .
فالصفة الأولى من صفاتهم: أنهم لا يلتهون بعرض بما فيها من بيوع وتجارات، ولايشغلون بذلك عن طاعة رب الأرض والسموات، وكيف يُشغل هؤلاء الرجال، هؤلاء الأخيار الأبرار بعرض من الدنيا. حقيراً مهين لا يعدل عند الله جناح بعوضة.
إن هؤلاء العباد يعلمون حق العلم أن الرزق مقسوم كما أن العمر محتوم ولا يمكن أن يزاد في شيء منهما ولا ينقص ولذلك استراحت أبدان هؤلاء الرجال وتعلقت قلوبهم بذي العزة والجلال وما قدر لهم سيأتيهم كما أشار نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى حالهم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند، والإمام الترمذي، وابن ماجه في السنن.