أما الأمر الأول وهو القناعة أحسن ما قيل -إخوتي الكرام- في بيان حد القناعة وضبطها أن ترضى بما يكفيك وأن لا تكثر من تطلعاتك وأمانيك فما قدر لك سيأتيك فإذا كنت في كفاية فاحمد الله -جل وعلا- ولا داعي للهم والحُزن والغم والقلق والتطلع إلى مالم يقدر لك وهذه الحالة حالة طيبة إذا وجدت في الإنسان كفاف وقنع به رضي به أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذه الحالة الحسنة الطيبة لهؤلاء العباد الأخيار في الحديث الذي رواه الإمام الترمذي في سنته ورواه ابن ماجه في سننه ورواه البخاري في الأدب المفرد والخطيب في تاريخ بغداد وإسناد الحديث حسن عن عبيد الله بن مِحْصَن ويقال عبد الله بن مِحْصَن والتصغير أصح وهو من الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم أجمعين-.
والحديث رواه ابن حبان في صحيحة والحاكم في مستدركه والخطيب في تاريخ بغداد أيضاً عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- ورواه ابن أبي الدنيا عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم أجمعين- فالحديث من رواية عبيد الله بن محصن، ومن رواية أبي الدرداء، ومن رواية أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنهم أجمعين- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها] والحديث إسناده صحيح كالشمس من أصبح منكم آمنا في سربه أي في نفسه يقال فلان واسع السِرب أي رخى البال هادئ النفس وضبط بفتح السين والراء [من أصبح منكم آمنا في سربه] أي في مذهبه وطريقه ومسلكه آمن في نفسه آمن في طريقه عنده بعد ذلك قوت يومه وعنده صحته وعافيته فقد ملك الدنيا بأسرها [من أصبح منكم آمنا في سِربه آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها] .