والصفة الثالثة من الصفات الخمس التي سنتدارسها لتكسب قلوبنا الحياء من ربنا والخشية له جل وعلا تعظيما له صفة الغنى سبحانه عليم بكل شيء قدير على كل شيء غني عن كل شيء فما خلق العباد ليتعزز بهم من ذله ولا ليتكثر بهم من قله سبحانه لو أطاعه أهل السماوات والأرض لما زاد ذلك في ملكه شيئاً ولو عصاه أهل السماوات والأرض لما نقص ذلك من ملكه شيئاً سبحانه وتعالى هو الغني وكل من عداه فقير إليه يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز وأخص وصف في ربنا الغنى كما أن أخص وصف فيمن عداه الفقر وعلة احتياج العالم بأسره من عرشه إلى فرشه على احتياج المخلوقات إلى رب الأرض والسماوات فقرها وغنى الرب عنها فنحن الفقراء وليست علة احتياجنا إلى ربنا حدوثنا ولا إمكان حدوثنا كما قرر الفلاسفة والمتكلون لا ثم لا علة احتياج العالم إلى خالقه فقر المخلوقات وغنى رب الأرض والسماوات والفقير لا يستغني عن الغني فنحن نحتاج إليه بأكثر من عدد أنفسنا التي تتنفس بها من أجل ثبوت حياتنا الغنى عن الرب هو الغنى سبحانه وتعالى من استحضر هذه الصفة فيه سيخاف من الله جل وعلا إجلالا وتعظيماً لكن هذا المعنى لا يعرفه الفصل لذوي الفضل إلا ذو الفضل من الذي يهاب من الله عز وجل الأتقياء الأكياس الرجال الذين عظموا الله وأحسنوا إلى خلق الله ومع ذلك يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار غنى الرب جل وعلا هذا إذا استحضره الإنسان سيخاف من الله.
يروي الإمام ابن القيم في مدارج السالكين عن شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية عليه رحمة الله أنه أرسل له ورقة في آخر حياته وفيها مقدمة في التفسير وقد كتب على غلافها أبياتاً من الشعر يقول فيها:
أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن يأتنا من عنده يأتي
ثم يقول عليه رحمة الله: