عباد الله: كنت ذكرت أمثلة كثيرة في المواعظ السابقة مما ورد بها دليل شرعي صحيح صريح وكيفية ذلك الأمر ليس مما يحتله الدليل، إنما مما ورد التصريح به في الدليل، ومع ذلك يكثرون حوله اللغط والقال والقيل، ومن تلك الكيفيات التي ذكرتها أمر موجز لابد من التنبيه عليه، موضوع التبرك بالصالحين، وقلت هذا الأمر إخوتي الكرام قرره نبينا عليه الصلاة والسلام، فلا كلام لمتكلم، وهذا هو المنقول عن سلفنا الكرام وعن أئمة الإسلام، وإذا كان من يدعي في هذه الأيام بأنه لابد من الرجوع إلى الكتاب والسنة وسلف الأمة فعلى الرأس والعين، ولا خير فيمن لم يلتزم بذلك، ولكن أريد أن أعلم كيف تطرح السنة باسم السنة؟
ثبت في معجم الطبراني الأوسط، والحديث انظروه في مجمع الزوائد 1/214، والحديث رواه أبو نعيم في حلية الأولياء، وأصله مروي مختصراً في مصنف عبد الرزاق ورجال الحديث موثقون وإسناد الحديث حسن، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين) .
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث إلى المطاهر – وهي الأمكنة التي يتوضأ منها الصحابة الكرام فيؤتى بالماء الذي يتوضأ منه الصحابة ما فضل من وضوئهم، من الماء الذي توضأوا به، لأن هذه الأيدي عندما امتدت إليه لتباشر هذه العبادة الجليلة صارت لهذه الفضلة بركة ومنزلة وشأن، فيعلِّمنا نبينا عليه الصلاة والسلام هذا الأمر كان هو يقوم به ويفعله وهو المبارك الذي يتبرك به حياً وميتاً، فكان يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين.