والحديث كما قلت حديث صحيح وهو في هذه الكتب التي ذكرتها، وهكذا قرره أئمتنا، والزعم بعد ذلك بأن التبرك بالرجل الصالح عند ما نصافحه ونرجو البركة، عندما نقبل يده مثلاً نرجو البركة، عندما ... عندما ... الزعم بأن هذا شرك، سبحان ربي العظيم، عندما تقبل الحجر الأسود وتلمسه هذا شرك؟ هل أنت تعبد الرجل الصالح؟ وهل أنت تعبد الحجر الأسود؟ أم تعبد رب هذا الرجل، ورب هذا لحجر الأسود؟ إنما أنت تعظم ما عظمه الله، وتحترم ما أمرك الله باحترامه، {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} ، وإذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام يفعل هذا، فمن المعترض بعد ذلك؟ ينبغي أن تقطع رقبته أو أن يقطع لسانه. بعد أن يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا ويتناقله أئمتنا الكرام، من المعترض؟ وعلام اللغط؟ وإذا أردتم أن تقولوا شيئاً فانسبوه إلى من قال به من أئمة الإسلام، فأما أن تقول: هذا خرافة، وهذا بدعة، وهذا ضلالة، فأخبرونا من الذي قال بقولكم؟ ومن ذكر هذا الحكم الذي تذكرونه؟ فإن كان من بنيات أذهانكم فما أنتم ممن يعوّل عليه في هذا العصر الهابط، وإن كنتم تنقلون عن سلفنا فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين.
إخوتي الكرام تقدم معنا هذه القضية أن سيدنا أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه دخل على سيدنا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد انتقاله إلى جوار ربه فأكب عليه وقبله عليه الصلاة والسلام، والحديث كما تقدم معنا في مسند الإمام أحمد وصحيح البخاري وسنن النسائي وغير ذلك، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يفعل هذا بالصالحين من الصحابة الكرام عندما يموتون.
ففي مسند الإمام أحمد والسنن الأربعة إلا النسائي وقال الترمذي إسناده حسن صحيح، عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها أن عثمان ابن مظعون لما توفي أكب النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه وقبله ثم رفع رأسه والدموع تنهمر من عينيه.