إخوتي الكرام: وإذا كان الأمر في هذه الصورة وهو كذلك، أناس يرفعون أصواتهم بأن هذا بدعة وبتبديع من يفعل ذلك، إذا كان الأمر كذلك في هذه الأيام فلابد -إخوتي الكرام- من وعي هذه المسألة على التمام وبيان العلم فيها بشكل تام، فاستمعوا -إخوتي الكرام- هذه المسألة لها أمران:
الأمر الأول: لو لم يرد دليل في هذه المسألة بخصوصها يجيز قراءة القرآن على مقابر المسلمين وبين مقابر المسلمين وعلى موتى المسلمين، لو لم يرد دليل في هذه المسألة بخصوصه في الدين لما صح أن يحكم على الفعل بأنه بدعة وأنه ضلال وأنه ذميم ووجه ذلك أن قراءة القرآن يؤمر بها الإنسان في كل زمان ومكان إلا ما نهاه عنه الشرع المطهر.
فنحن نهينا أن نقرأ القرآن إذا كنا مجنبين ونهينا أن نقرأ القرآن راكعين وساجدين، والحديث ثابت بذلك في صحيح مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: [ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً وساجداً] ولا يجوز أن يقرأ القرآن في الحمامات عند انكشاف العورات والله طيب لا يذكر إلا في مكان طيب، وما عدا هذا ما ينبغي أن يمنع الإنسان من قراءة القرآن إلا إذا أتيت بدليل يمنعه فهوانا يتبع شرع مولانا ولا نحكم عقولنا في ديننا فما نهانا عنه ربنا ونبينا -عليه الصلاة والسلام- انتهينا عنه.
فأنت أيها الإنسان يا من تريد أن تمنع قراءة القرآن على موتى المسلمين ما دليلك في ذلك بأن هذا منهيٌ عنه؟ كما أننا نهينا عن قراءة القرآن في الركوع والسجود وحال كوننا مجنبين جنباً؟ فإذا أردت أن تمنع من قراءة القرآن على المقابر ينبغي أن تقيم الدليل على ذلك وأن يكون هذا الدليل ظاهراً بيناً واضحاً.