هذان الأمران ينبغي أن يكونا علي بالنا، لا سيما في هذا الزمان، لا نحكم علي مسلم بالكفر مهما فعل من المعاصي والقاذورات إذا لم يستحل. ولا نحكم علية بالخلود في النار، أمره مفوض إلي ربه جلا وعلا.

? أما الأمر الأول إخوتي الكرام: فقد ذكرت أدلته. إنما أريد أن أوضحه زيادة إيضاح هنا: الحكم علي الناس بالكفر إذا لم يستوجبوا ذلك، الحكم علي الناس بالكفر إذا فعلوا المعاصي والموبقات، كبير خطر فظيع، خذرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - منه. ففي مسند الإمام أحمد والصحيحين وموطأ الإمام مالك وسنن الترمذي، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث أخرجه البخاري أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [من قال لأخية يا كافر فقد باء بها أحدهما] وفي رواية [إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان قال، وإلا رجعت عليه.] أي إذا كان هذا المقول له هذه المقولة كافراً في الحقيقة فقد أخبر إذن عما ينطبق عليه الحال، وعما يتصف به الإنسان، وإذا لم يك يكن المقول له هذه المقوله كافراً يرجع شؤم هذه المقاله علي قائلها [إن كان كما قال وإلا رجعت عليه] وفي رواية البخاري عن أبي ذر - رضي الله عنه - عنه [إن كان كما قال صاحبه، وإلا ارتدت عليه إذا لم يكن صاحبه كذلك] . فإذن من قلت عنه إنه كافر، كافراً في الحقيقة فقد انطبق علية هذا الوصف، وأخبرت عن الحكم الذي ينطبق عليه ويتصف به، وإذا لم يكن الأمر كذلك ترجع علي القائل هذه الكلمة ويكون شؤمها ووزرها قبحها علية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015