إخوتي الكرام: وليس في الحديث تعلق لأهل الضلال، لأن من ارتكب كبيرة فهو كافر. لأن النبي علية الصلاة والسلام أخبرنا أن الذي يقال له هذه الكلمة إذا لم تكن كافراً ترجع هذه الكلمة علية الصلاة والسلام أخبرنا أن الذي يقال له هذه الكلمة إذا لم تكن كافراً ترجع هذه الكلمة إلي القائل. وإذا رجعت إلية هو غاية ما فعل أنه فعل كبيرة، فهل يكفر بكبيرته؟ لا. تعليلنا لهذا الحديث ما عللنا الأحاديث السابقة، وجمعنا بينها وبين كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فنقول:
من عرف من غيره الإسلام، ولم تقم عنده شبهة في تكفيره ثم استحل تكفير وأطلق عليه لفظ الكفر فهو كافر حقيقة. وأما إذا قام عنده شبهة أو لم يستحل إطلاق هذا اللفظ عليه. إنما قاله من باب المشاتمة والمسابّه , فيبقي أن هذا الأمر عاد عليه. لا لأنه كفر كفراً يخرجه من الملة، وهو كفر جحود المنعم، إنما كَفَرَ كُفْرَ النعمة وجحود النعمة كما تقدم. معنا وهو الذي يقال له كفر دون كفر. أو يُخش عليه إذا أطلق هذا الفظ علي من لا يستحقه أن يتصف بالكفر في المستقبل خشية أن يستحل هذا فيقع في الكفر، أو أن نقول رجعت عليه نقيصة قوله وشؤم قوله ومعصيته دون أن يكون كافراً خارجاً من الملة، أو أن نقول: إنه أطلق عليه هذا من باب الزجر والتغليظ بما يخلع القلب، لئلا يقع الإنسان في هذه المعصية الشنيعة الكبيرة.
يوضح هذه ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ثابت بن الضحاك - صلى الله عليه وسلم - ـ وكان من أهل بيعة الشجرة رضي الله عنهم أجمعين ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لعن المؤمن كقتله، ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله] . وتقدم معنا أن قتل مؤمنا ولم يستحل قتله فاعل كبيرة، وأمره مفوض إلي الله جل وعلا.
أخوني الكرام: وقد حذرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - من أطلق لفظ الكفر علي من لا يستحقه. وأخبرنا أننا إذا تساهلنا بهذا سنتطاول بعد ذلك إلي شيء آخر وبالتالي سنخسر الدنيا والآخرة.