ولذلك كلما استصغر العبد ذنبه كبر عند الله وكلما استكبر العبد ذنبه واستعظمه صغر عند الله جل وعلا. وقد ثبت في صحيح البخاري (?) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال ـ والكلام موقوف عليه من قوله ـ يقول - رضي الله عنه -[المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل ويخاف أن يسقط عليه. والمنافق يري ذنوبه ـ وفى روايه عنه: والفاجر يرى ذنوبه ـ كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا] فانظر هنا لحال المؤمن كيف يستعظم الذنب. ويستكبره وينخلع قلبه منه ولحال الفاجر والمنافق. يرى ذنوبه ـ المؤمن ـ كأنه في أصل جبل ويخاف أن يسقط عليه. وإنما ذكر هذا التشبيه لبيان عظيم الروع الذي يحصل في قلب المؤمن. لأن من كان في أصل الجبل والجبل سينقلب عليه لا يرجى له السلامة ولا النجاة بحال من الأحوال. وليس سقف يمكن أن يهرب منه. جبل عظيم سينقلب عليه فكيف سيكون حال الروع في قلب المؤمن؟ وأما ذاك فانظر لهذا المثل كذباب وقع على أنفه. لِمَ قال: على أنفه؟ مع أن الذباب قلّ أن يقع على الأنف. إنما يقع على العين بكثرة. ثم على الفم أما الأنف قلّ أن يقع الذباب عليه؟. إشارة إلى حال الفاجر والمنافق. كأن الفاجر والمنافق لا يتذكر دينه ولا يخطر بباله كما أن الذباب لا يقع علي أنوف الناس ثم لو قدر أنه خطر الذنب بباله صال كحال الذباب إذا وقع على الأنف نادراً فيعمل الإنسان هكذا فيطير فهو لا يستحضر الذنب ويستصغره ويستسهله أصالة.