إخوتي الكرام: هذا الأمر الذي قرره أهل السنة الكرام ـ تنقسم السيئات إلى كبائر وصغائر ـ خالف فيه فرقتان ضالتان. المرجئة في هذا خالفوا فقالوا: ليس في الذنوب كبائر. كلها صغائر. وقبلهم غلاة الصوفية فقالوا: ليس في الذنوب صغائر كلها كبائر. هؤلاء يقولون كلها كبائر وهؤلاء يقولون كلها صغائر. فلنتكلم عن كل من الفرفتين على سبيل الإيجاز:
أما المرجئة: سموا بذلك ـ إخوتي الكرام ـ لأمرين:
الأمر الأول: إما من الإرجاء بمعنى التأخير ((أَرْجِهْ وَأَخَاهُ)) (?) أرجأ كذا: أي أخره. والمرجئة سموا بذلك لانهم يؤخرون العمل عن الإيمان. فيقولون: الإيمان هو عقد بالجنان ونطق باللسان ولا يشمل العمل بالأركان. فإذا اعتقد شهادة الحق في قلبه وأقر بلسانه هذا مؤمن كامل الإيمان. يترك المأمورات ويفعل المحظورات لا يضره عند رب الأرض والسموات. هذا خلاصة قول المرجئة وقد قال قائلهم:
مت مسلماً ومن الذنوب فلا تخف
حاش المهيمن أن يري تنكيداً (?)
لورام أن يصليك نار جهنم
ما كان ألهم قلبك التوحيداً
لماذا اعتقدت شهادة الحق ونطقت بها. أنت كامل الإيمان. إيمانك وإيمان أبى بكر - رضي الله عنه - بل إيمانك وإيمان النبيين والملائكة سواء يقول بلسانه لا اله إلا الله محمد رسول الله علية صلوات الله وسلامة. ويعتقد موجب هذا ويعتقد بقلبه. هذا مؤمن كامل الإيمان. وعلية: ليس في الذنوب ـ إذن ـ كبائر إذا اتصف الإنسان بالتوحيد.