إذن كل من عصى الله جاهل قليل العقل. والإنسان لا يرضى أن يوصف بحماقة. ولذلك نفسه تضيق عليه وتضيق عليه الدنيا فيهرع إلى ربه ويتوب إليه. والله يقبل توبة التائب عندما يتوب إليه سبحانه وتعالى. ولذلك إخوتي الكرام سمي الله الكفار ووصفهم ونعت العاصين بأنه لا حياة عندهم وبأنهم موتى وقد قال أئمتنا ونعم ما قالوا: ـ أول من مات من الخليقة مخلوق خبيث خسيس مع أنه منظر إلى يوم الدين وهو الشيطان الرجيم. هذا أول من مات. حيى لكنه ميت. لأنه فقد الحياة الحقيقه الحياة الحقيقيه: أن يتصل المخلوق بخالقه وأن يأنس القلب بربه ((أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)) (?) وإذا خرج الإنسان عن هذا فهو ميت. إسمع ماذا يقول الله جل وعلا في سورة يس ((وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ. لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ)) (?) .
ما المراد بالحياة؟ هل المراد بالحياة حياة البدن. أبدا لما قال: ((وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ)) الكافرين أحياء ينذر من كان حيا. حي القلب واعي القلب بصير القلب. فليس المراد من الحياة حياة البدن هذه يشترك فيها المؤمن والكافر. يدل على هذا قوله ((وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ. إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)) (?) .